الأحد، 12 يونيو 2011

تفسيرالاية 100من سورة الانعام

نتناول الآن بالبحث واللغة الآية (100) من سورة الانعام، قال سبحانه ''وجعلوا لله شركاء الجن'' ومن حق المعنى العادي ان نعبر عنه بهذه الجملة: وجعلوا الجنَ شركاء لله'' لأن ترتيب الجملة العادي والمقنن أي الذي يسير على قاعدة معينة هو: الفعل، ثم الفاعل، ثم المفعول به، ثم الامور الاضافية، من حال او تمييز او عطف او جار ومجرور متعلق بالفعل، والقارئ العادي يفهم من الجملة الاولى كما يفهم من الجملة الثانية، فيقول معنى الآية هو: الناس الكفرة يجعلون الجن شركاء لله، وكذلك يفهمون من الثانية ايضاً انها تعني: الكفرة تجعل الجنَ يشاركون الله في ملكه، كلا المعنيين صواب، فلماذا التقديم والتأخير؟.
يوظف التقديم في لغتنا الشريفة لغرض ذوقي وللحسن والجمال والروعة، وليأخذ من القلب معاني اخرى تضاف الى المعنى الاصلي، ففي التقدم بهجة ورونق، انك في الآية الكريمة ترى الآية تسخر وتبكت وتحط من قدر الله ان: لله شركاء، فالله لا يحتاج الى شريك، لأنك اذا احتجت الى شريك فانك اذن محتاج له، اما لناحية مالية او ادارية او خبرة في شيء معين او محتاجه اجتماعياً لأن وجوده معك يقويك؛ ولكن الله تعالى منزه عن الحاجة، فهو غني عن العالمين، ولذلك جاء ترتيب الآية بهذه الصيغة: ''وجعلوا لله شركاء الجنَ'' فعدم الايمان بالله وعدم الثقة به يجعله يقول قولاً عادياً: ان الجن لله شركاء، كان للجرجاني جواب مختصر وواضح القصد وهو: ''انا وان كنا نرى جملة المعنى ومحصوله انهم جعلوا الجن شركاء لله، وعبدوهم مع الله تعالى، وكان هذا المعنى يحصل مع التأخير حصوله مع التقديم، فان تقديم الشركان وتأخير الجن يفيد هذا المعنى ويفيد معه معنى آخر وهو انه ما كان ينبغي ان يكون لله شريك لا من الجن ولا من غير الجن.
لقد اجتهد الجرجاني، واصاب، واريد ان استزيد من الاجتهاد فأقول: ان الناس ترى الشمس وترى القمر، ويرسخ في اذهانهم جماله ونوره، سواء أكان هذا للشمس او كان للقمر، ويرون الجبال وعظمتها، يرون الجمال قاطعة الصحراء ويرون المطر وآثاره، فيبتعدون بظنونهم ان هذه هي الآلهة، ولكنهم لا يرون الجن ولا عمل الجن ولا آثار الجن في الارض، فاذ جعلوا هذه الجن آلهة فقد جاءوا بشيء سخيف لا يفيدهم مادياً في شيء ولا يؤثر فيهم في شيء، ولذلك ادعاؤهم شيئاً خيالياً بأنه الله فهو مدعاة لشديد السخرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق